فصل: النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.اللَّفْظُ الْعَاشِرُ: الثِّمَارُ فِي رُؤُوس النَّخْلِ:

وَالنَّظَرُ فِي مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَرِيَّةِ وَوَضْعِ الْجَوَائِحِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أنظار:

.النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ: مُوجَبُ الْإِطْلَاقِ بَعْدَ الزَّهْوِ اسْتِحْقَاقُ الْإِبْقَاءِ إِلَى أَوَانِ الْقِطَافِ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح): يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ شَرَطَ التَّبْقِيَةَ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ أَنْ تَحَوَّلَ وَلِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَنْفَعَةَ الْأُصُولِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَيكون العقد تنَاول مَجْهُولا تَنَاوَلَ مَجْهُولًا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ مُعَارَضٌ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي الْعُقُودِ كَمَا لواشترى طَعَامًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ لِلزَّمَانِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ مِثْلُهُ وَبَيْعُ الدَّارِ فِيهَا الْأَمْتِعَةُ تَتَأَخَّرُ مُدَّةُ التَّحْوِيلِ مِنْهَا وَإِنْ طَالَتْ عَلَى جَارِي الْعَادة لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» وَمَنْعُهَا إِنَّمَا هُوَ بِالْجَائِحَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهُوَ دَلِيلُ التَّبْقِيَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ الزَّهْوِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَيَبْطُلُ بِشَرْطِ التبقية لنَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشقح قِيلَ: وَمَا تُشقح؟ قَالَ: تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا» وَلِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْعَاهَاتِ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَنْدَرِجُ فِي الْغَرَرِ فَائِدَةٌ: قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ تَشَقُّحُ الثَّمَرَةِ: احْمِرَارُهَا لِأَنَّ الشَّقْحَةَ لَوْنٌ غَيْرُ خَالِصٍ لِلْحُمْرَةِ أَوِ الصُّفْرَةِ وَتَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ لِلَّوْنِ الْمَائِلِ وأحمر وَاصْفَرَّ اللَّوْنُ الْمُسْتَقِرُّ وَرَوَى: تُشْقِهَ بِسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَة وَالْمَعْرُوف: التحريك مَعَ الْحَاء وَالْهَاء بدل من الْحَاء نَحْو: مدحه ومدهه وأزها النّخل يزهو إِذا أَحْمَر وأصفر وَقِيلَ: يَزْهُو خَطَأٌ بَلْ يَزْهَى وَقِيلَ أَزْهَى خطأ بل زهى سُؤال: لِمَ سَأَلُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَتَّى يُشقح أَوْ حَتَّى يَزْهَى عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ مَعَ أَنَّهَا أَلْفَاظٌ عَرَبِيَّةٌ؟ جَوَابُهُ: لَعَلَّهَا لُغَة قَبيلَة غَيرهم أَو مستعارة لحُس الثَّمَرَةِ فَيَسْأَلُ أَيُّ حُسنها يُرِيدُ أَوْ سَأَلُوهُ احْتِيَاطًا لِلْحُكْمِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عِنْدَنَا عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْإِلْغَاءِ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ: الصِّحَّةُ اسْتِقْرَاءً مِنْ قَوْلِهِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ: إِذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ جَازَ الْبَيْعُ وَقَالَهُ (ح) حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَحَكَى التُّونُسِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَغْدَادِيُّونَ عَنِ الْمَذْهَبِ: الْبُطْلَانُ وَقَالَهُ (ش) حَمْلًا لِلْإِطْلَاقِ عَلَى الْعُرْفِ العادي ولنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: بَيْعُهَا عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ جَائِزٌ عَمَلًا بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ.
فَائِدَة:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ثَمَرُ النَّخْلِ سَبْعَةُ أَقسَام: طلع ثمَّ يتلقح الْخُف عَنهُ ويبيض فَهُوَ عريض ثُمَّ يَخْضَرُّ فَبَلَحٌ ثُمَّ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ فَزَهْوٌ ثمَّ تصير الْحمرَة صفرَة فبُسر ثمَّ تعلى الصُّفْرَةَ دُكْنَةٌ فَيَنْصَحُ فَرُطَبٌ ثُمَّ يَيْبَسُ فَتَمْرٌ وَإِذا أزهى اشْتَدَّ وَصَارَ جِذْرُهُ وَامْتَنَعَ سُقُوطُهُ وَتَسَلَّطَ الْآفَاتُ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا اشْتَرَى قَبْلَ الْإِزْهَاءِ فَتَرَكَهُ حَتَّى أَتْمَرَ أَوْ أَرْطَبَ فَجَذَّهُ رَدَّ قِيمَةَ الرُّطَبِ يَوْمَ جَذِّهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ: وَإِنْ كَانَ قَائِمًا رَدَّهُ وَلَوْ فَاتَ وَالْإِبَّانُ قَائِمٌ وَعَلِمَ وَزْنَهُ أَوْ كَيْلَهُ رَدَّ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي رَدِّ الْمُتْلَفَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُرِيدُ مَكِيلَةَ الثَّمَنِ إِنْ جَذَّهُ تَمْرًا إِنْ فَاتَ وَإِلَّا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ سَوَاءً تَرَكَهُ لِهَرَبٍ أَوْ لَدَدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى يَرْطُبَ وَقِيلَ: إِنْ تَعَدَّى التَّرْكُ فَسَخَ لِعَدَمِ الْقَدْرِ وَمَتَى جُهِلَتِ الْمَكِيلَةُ فَالْقِيمَةُ لِأَنَّهَا فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْغَرَامَاتِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى نَخْلًا فِيهَا تَمْرٌ مَأْبُورٌ جَازَ شِرَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَغْتَذِي مِنْ رُطُوبَاتِ نَخْلٍ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا جَهَالَةَ فِي الْمَبِيعِ بِخِلَافِ نَخْلِ الْغَيْرِ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَفِي شِرَاءِ مَالِ الْعَبْدِ بَعْدَ الصَّفْقَةِ وَلَوِ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ أَوِ الزَّرْعَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْقَطْعِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَوِ الْأَرْضَ فَلَهُ الْإِبْقَاءُ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنِ اشْتَرَاهَا عَلَى الْإِبْقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ: فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِمُقَارَنَةِ الشَّرْطِ الْمُفْسِدِ وَإِنِ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى الْفَسَادِ ثُمَّ وَرِثَ الْأَصْلَ مِنَ الْبَائِعِ: فَلَهُ الْإِبْقَاءُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْإِبَارِ أَوِ الزَّرْعِ عَلَى الْإِبْقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَوِ الْأَرْضَ قَبْلَ الْإِبَارِ فُسِخَ الْبَيْعَانِ لِأَنَّهُ كَاسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ وَلَوْ لم يفسخها حَتَّى أزهت وَقَبضهَا المُشْتَرِي الْأَصْلِ فَقِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِ الْأَصْلِ وَيُرَدُّ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَلَوِ اشْتَرَى مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ الْإِبَارِ رُدَّتِ الثَّمَرَةُ إِلَى رَبِّهَا وَثَبَتَ بَيْعُ الْأَصْلِ وَلَوْ لَمْ يَفْسَخِ الْبَيْعَ حَتَّى أَزْهَتْ فِي شَجَرِ الْمُشْتَرِي فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَصْلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّهُ فَوْتٌ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ وَلَوِ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ زَهْوِ الثَّمَرَةِ فِي الشَّجَرِ أَوْ بعد فُسِخَ بَيْعُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَإِنِ اخْضَرَّ إِلَّا أَنَّهُ انْكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَوِ ابْتَاعَ الْأَرْضَ بِزَرْعِهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّتِ الْأَرْضُ قَبْلَ اسْتِحْصَادِهِ انْفَسَخ البيع أَو بعد استحصاجه تَمَّ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ تَنْزِيلًا لِلْمِلْكِ الظَّاهِرِ مَنْزِلَةَ الْمِلْكِ الْبَاطِنِ وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: فِي شِرَاءِ مَالِ الْعَبْدِ وَتَمْرِ النَّخْلِ بَعْدَ الصَّفْقَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْبَيْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إِنَّمَا جَاءَ إِذَا بَقِيَتِ الْأُصُولُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَنْعُ لِمَالِكٍ لِظَاهِرِ النَّهْيِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقُرْبِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوُقُوعِ مَعَ الْعَقْدِ وَبَيْنَ الْبُعْدِ فَيَمْتَنِعُ وَفَرَّقَ أَشْهَبُ بَيْنَ ثَمَرِ النَّخْلِ فَيَجُوزُ مَعَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَيَمْتَنِعُ مَالُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا لِجَهَالَتِهِ فَلَا يَنْفَرِدُ قَالَ يَحْيَى: وَالْقُرْبُ نَحْوَ عِشْرِينَ يَوْمًا.
فَرْعٌ:
فِي التَّلْقِينِ: يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْكَتَّانِ وَالْقَرَظُ وَاسْتِثْنَاءُ حَبِّهِمَا لِأَنَّهُ مَجْهُول فَرْعٌ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى ثَمَرَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَضَمَانُهَا مِنَ الْبَائِعِ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَصْلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلثَّمَرَةِ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَإِنْ جَذَّهَا ضَمِنَهَا وَعَلَيْهِ مَكِيلَتُهَا رُطَبًا وَإِنْ لَمْ تَفُتْ رَدَّهَا وَفَسَخَ الْبَيْعَ فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا: قَالَ مُحَمَّدٌ: فَوْتٌ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّفْوِيتُ وَعَنْ مَالِكٍ: يَوْمَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهُ فَوْتٌ سَابِقٌ وَقِيلَ: الْبَيْعُ لَيْسَ فَوْتًا.
فَرْعٌ قَالَ: إِذَا اشْتَرَى نِصْفَ ثَمَرَةٍ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا لِأَنَّ نَصِيبَهُ لَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِالْقِيمَةِ فَأَشْبَهَ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ رَجَعَ لِلْجَوَازِ لِأَنَّهُ ضُمِنَ بِالْعَقْدِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى نَخْلًا فِي حَائِطٍ وَاخْتُلِفَ فِي شُرْبِهِ فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى سَقْيِهِ مِنْ غَيْرِ سَاقِيَةِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَكُونُ السَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلنَّخْلِ كَالثَّمَرَةِ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرُ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي كَكُسْوَةِ الْعَبْدِ وَمُؤْنَتِهِ: قَوْلَانِ لِمَالِكٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَقْيِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ فَإِنْ تَنَازَعَا وَلِقَوْلِ الْبَائِعِ وَجْهٌ كَقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّقْيِ مِنْ غَيْرِ سَاقِيَةِ الْبَائِعِ كَالْمعسه عَلَى السَّقْيِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا صُدِّقَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ وَجْهٌ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ: إِكْمَالُ الشُّرْبِ فَإِنِ اخْتُلِفَ فِي الِاشْتِرَاطِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَجْهٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَشْبَهَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُرَاعَى مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ وَلَوْ وَهَبَهُ إِلَّا عِذْقٌ صُدِّقَ الْوَاهِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: بَقَاءُ مِلْكِهِ فِي الْمَاءِ وَالْمُعَارَضَةُ قَوِيَّةٌ تَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ التَّبَرُّعِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى بَعْدَ الْإِزْهَاءِ وَاسْتَقَالَ مِنْهُ عِنْدَ الْيُبْسِ مِنْهُ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ أَخَذَ تَمْرًا فِي رُطَبٍ فَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ: فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِالدَّيْنِ تَمْرًا إِذَا يَبِسَ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: لِمَالِكٍ: الْجَوَازُ فِي التَّفْلِيسِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لم يُبَعْ طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَالْمَنْعُ مِنْهَا حَذَرًا مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ إِلَى أَجَلٍ وَإِعْطَاؤُهُ فِي ذَلِكَ التَّمْرِ تَمْرَ حَائِطِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّفْلِيسِ فَيَجُوزُ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَغَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا اشْتَرَى الْمُكْتَرِي شَجَرَ الدَّارِ وَهُوَ تَبَعٌ لِلْكِرَاءِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتِ الدَّارُ إِلَّا مَوْضِعَ الشَّجَرِ رُدَّتِ الثَّمَرَةُ لِأَنَّهُ ضَمَّهَا إِلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْإِبْقَاءِ فَأَبْقَاهَا حَتَّى أَثْمَرَتْ فَضَمَانُهَا من البَائِع مَا دَامَت فِي رُؤُوس الشَّجَرِ وَإِنْ مَكَّنَهُ الْبَائِعُ مِنْ قَبْضِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ لِبَقَائِهِ فِي أُصُولِ الْبَائِعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: ضَمَانُهَا مِنَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الشَّجَرَ تَبَعٌ لِلدَّارِ وَإِذَا رُدَّتْ لِلْبَائِعِ فَعَلَيْهِ السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ وَالْجِذَاذُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ قَالَ: وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ الَّذِي فِي قَوْلِهِمْ إِذَا اشْتَرَى آبِقًا فَجَعَلَ فِيهِ جُعلاً ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ هَلْ يَغْرَمُ الجُعل أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ إِنَّمَا طَلَبَ لِنَفْسِهِ أَوْ هُوَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بَلْ أَنْفَقَ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ بُطْلَانِهِ.
فَرْعٌ:
وَعَنِ ابْنِ الْكَاتِبِ: إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى الْبَقَاء فجذها قبل زهوها وَعَلِيهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِذَاذِ بِخِلَافِ اسْتِهْلَاكِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ رَبَّ الثَّمَرَةِ أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُضْمَنُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا عَلَى الْبَقَاءِ فَصَارَ الْمُشْتَرِي مُتَعَدِّيًا بِالْجِذَاذِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي نَظَائِرِهِ: وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا وَفِيهَا شَجَرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ طَابَتْ جَازَ شِرَاؤُهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ لَمْ تَطِبْ جَازَ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ تَكُونَ ثُلُثَ الْكِرَاءِ فَأَدْنَى وَيُشْتَرَطُ جُمْلَتُهَا وَيَكُونُ رُطَبًا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَيَكُونُ الْقَصْدُ بِاشْتِرَاطِهَا رَفْعَ الْمَضَرَّةِ فِي التَّصَرُّفِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعًا وَاشْتَرَطَهَا فَسَدَتِ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا وَإِنْ أَزْهَتْ صَحَّتْ وَفِيهَا الْجَائِحَةُ إِنْ كَانَتْ ثُلُثَ مَا يَنُوبُ الثَّمَرَةَ مِنَ الثَّمَنِ وَكَرَاءُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الزَّهْوِ وَالشَّجَرَ فِي صَفْقَتَيْنِ: فَإِنْ بَدَأَ بِالشَّجَرِ صَحَّ وَلَهُ الْإِبْقَاءُ إِلَّا أَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِمِلْكِ نَفْسِهِ وَمَنَعَ الْمُغِيرَةُ وَغَيره سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَلَوْ بَاعَ الشَّجَرَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَ الثَّمَرَةِ صَحَّ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الشَّجَرُ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الْبَعْضِ كَافٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّقَارُبُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لَكِنْ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ دُونَ النَّوْعِ وَالْبُسْتَانِ بَلْ يَبْتَاعُ بِطِيبِ الْبُسْتَانِ الْمُجَاوِرِ لَهُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الِاتِّحَادِ لَوْ هُدَّ الْجِدَارُ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْبُسْتَانِ وَقَالَهُ (ش) لِأَنَّ اخْتِلَافَ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الطِّيبِ وَتَعْجِيلِهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: إِذَا بَدَا صَلَاح جس مِنَ الثِّمَارِ فِي بُسْتَانٍ مِنْهُ نَخْلَةٌ أَوْ عِذْقٌ فِي نَخْلَةٍ جَازَ بَيْعُ جَمِيعِ بَسَاتِينِ الْبَلَد لاشتاكها فِي الْهَوَاءِ الْمُنْضِجِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَاكُورَةً فَلَا يُبَاعُ غَيْرُهُ بِطِيبِهِ فَائِدَةٌ: الْعَذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: الْعُرْجُونُ وبكسر الْعين: النَّخْلَة فالأعلى للأعلى وَالْأَسْفَلُ لِلْأَسْفَلِ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا كَانَتْ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي سَنَةٍ: فَفِي جَوَازِ بَيْعِ الثَّانِيَةِ بِطِيبِ الْأُولَى قَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ: الْمَنْعُ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا لَمْ يَطِبِ الشِّتْوِيُّ حَتَّى يَنْقَضِيَ الصَّيْفِيُّ لَا يُبَاعُ بِطِيبِهِ اتِّفَاقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا تَبَعًا فَقِيلَ: يَجُوزُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي تَأْخِيرِهِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ النَّخْلِ فِي السَّقْيِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي التَّفَرُّدَ لِنَفْسِهِ وَشَرَطَ وَالْتَزَمَ السَّقْيَ جَازَ كَالثَّمَرَةِ فِي الدَّارِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: ثَلَاثُمِائَةِ شَجَرَةٍ فِيهَا شَجَرَةٌ شِتْوِيَّةٌ لَا تُبَاعُ مَعَ الصَّيْفِيِّ وَإِنْ تَأَخَّرَ طِيبُهُ إِلَى إِزْهَاءِ الشِّتْوِيِّ.
فَرْعٌ:
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: إِذَا اشْتَرَى رُطَبًا فَادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الرُّطَبِ صُدِّقَ الرَّطَّابُ لِأَنَّ الْأَصْلَ: عَدَمُ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ: فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ مُفَرِّطٌ بِالدَّفْعِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ ائْتَمَنَ الْمُشْتَرِي وَالْأَمِينُ مُصَدَّقٌ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ وَيُصَدَّقُ الْمُبْتَاعُ فِيمَا الْعَادَةُ فِيهِ قَبْضُ الثَّمَنَ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَهَذَا فِيمَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ إِلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَفِيهِ خِلَافٌ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِذَا اشْتَرَى حَائِطًا غَائِبًا بِالْعَدَدِ جَازَ لِأَنَّ الْعَدَدَ كَالصِّفَةِ وَكَذَلِكَ إِذَا عَايَنَهُ عَلَى الزَّرْعِ وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ كَنَخَلَاتٍ مِنْ حَائِطٍ وَأَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ وَعَلَى الْجَوَازِ فَالضَّمَانُ مِنَ الْبَائِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُبْتَاعِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْمَازِرِيُّ: يجوز بيع المقائي وَالْقَصِيلِ وَنَحْوِهَا مَعَ الْخِلْفَةِ خِلَافًا لِ (ش) و (ح).
قَاعِدَة:
الْغَرَرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
مَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى مَنْعِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَمَا أَجْمَعَ النَّاسُ على جَوَازه كطعن الْحبَّة وأسا الدَّارِ وَمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي؟ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ وَهَذِه الْمَسْأَلَة فِيمَا يَقُولَانِ الْخِلْفَةُ مَجْهُولَةٌ وَغَرَرٌ فَيَمْتَنِعُ وَنَحْنُ نَقُولُ: هُوَ غَرَرٌ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ لِتَعَدُّدِ التَّمْيِيزِ فِي المقائي وَحِفْظِ الْمَالِيَّةِ فِي الْجَمِيعِ فَإِنِ اشْتَرَى الْخِلْفَةَ قَبْلَ أَنْ تُخَلَّقَ بِعَقْدٍ مُنْفَرِدٍ امْتَنَعَ لِلْجَهَالَةِ وَعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ الَّتِي يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِقْلَالِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَصْلِهَا وَحْدَهَا فَقَوْلَانِ نَظَرًا إِلَى إِلْحَاقِ هَذَا الْعَقْدِ بِمَا تَقَدَّمَ أَوْ هُوَ مُنْفَرِدٌ فَيَمْتَنِعُ تَمْهِيدٌ: قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: النَّبَاتُ الْمُخَلَّفُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: لَا تَتَّصِلُ بُطُونُهُ كَالنَّخْلِ وَالْوَرْدِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُبَاعُ بَطْنٌ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَتَتَّصِلُ كَالْقَصِيلِ وَالْقَصَبِ وَالْقَرَظِ فَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الْمَوْجُودَ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فَإِنِ اشْتَرَطَ الْخَلَفَ: فَفِي الْجَوَازِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ نَظَرًا إِلَى إِسْنَادِهِ لِلِجَذَّةِ الْأُولَى وَاسْتِقْلَالِهَا بِنَفْسِهَا وَعَلَى الْجَوَازِ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً مِنْ جِهَةِ السَّقْيِ وَغَيْرِهِ وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَفْنَى مَنَعَهُ مَالِكٌ لِلْغَرَرِ وَقِيلَ: يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عَادَةً وَالْخُضْرُ كُلُّهَا كَالْقَرَظِ وَجَوَّزَ ابْنُ مَسْلَمَةَ بَيْعَ الْمَوْزِ سِنِينَ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ الضَّرْبُ الثَّالِث: لَا تتَمَيَّز بطونه كالقاثي فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بُطُونًا مَعْدُودَةً لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ بَلْ يَرْجِعُ فِي انْتِهَائِهِ إِلَى الْعَادَةِ إِذَا طَلَبَ الْبَائِعُ أَرْضَهُ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ فِي الْقَصِيلِ وَالْقَرَظِ وَالْقَصَبِ إِذَا بَلَغَ الْجِذَاذَ لِلْعَلَفِ إِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً لَا يخلف وَيجوز جذة وجذتين إِذَا لَمْ يُشْتَرَطُ تَرْكُهُ حَتَّى يَصِيرَ حَبًّا لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَكِنَّ عَلَيْهِ الْحَبَّ فِي اشْتِرَاطِ الْخِلْفَةِ قَوْمٌ مَا رَعَى بِقَدْرِ تَشَاحِّ النَّاسِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَى غَرَرِ نَبَاتِ أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ وَيَرُدُّ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِ الرَّعْيِ وَالْحَصَادِ لِأَنَّهُ بُدُوُّ صَلَاحِهِ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ بِشَرْط التنقية حَتَّى يتحبب أَوْ يَتْرُكَهُ شَهْرًا إِلَّا أَنْ يَبْدَأَ الْآنَ فِي فَصْلِهِ فَيَتَأَخَّرُ شَهْرًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: جَوَّزَ ابْنُ حَبِيبٍ اشْتِرَاطَ الْخِلْفَةِ فِي بَلَدِ السَّقْيِ دُونَ بَلَدِ الْمَطَرِ لِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: إِذَا غَلَبَهُ الْحَبُّ فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ طَلَبَ الْإِقَالَةَ فَامْتَنَعَ فَقَالَ: لَا يَتْرُكُهُ حَتَّى يَصِيرَ زَرْعًا: أُمِرَ بِفَصْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَخَّرَهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ حَبًّا وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَبَّبَ وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّمَا يَقَعُ التَّقْوِيمُ إِذَا غَلَبَهُ فِي الْخِلْفَةِ إِذَا جَذَّ الرَّأْسَ كُلَّهُ وَأَمَّا فِي الدَّائِرِ فَلَا لِأَنَّهُ إِنْ غَلَبَهُ فِي جُمْلَتِهَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ أَوْ فِي جَذَّةٍ رَجَعَ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ: إِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِلْفَةِ إِذَا لَمْ يَجُذَّ الرَّأْسَ حَتَّى اشْتَرَى الْخِلْفَةَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ نَافِعٌ أَمَّا بَعْدَ الْجَذِّ فَلَا قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَجَازَ فِي الْكِتَابِ بَيْعَ الْخِلْفَةِ مِمَّنِ اشْتَرَى الرَّأْسَ بِعَقْدٍ بِانْفِرَادِهِ إِذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً فَمَنَعَ مُحَمَّدٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَوَّزَ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِضَرُورَةٍ والضرورة لَا تتعدى وَمِنْه مِنْ بَيْعِ مَا يُطْعِمُ شَهْرًا لِاخْتِلَافِهِ فِي الْقِشْرَةِ لِكَثْرَةِ الْجَذِّ وَقِلَّتِهِ قَالَ: وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ مَنْعُ بَيْعِ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ وَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ فِي الشَّهْرِ فَإِذَا انْقَضَى لَمْ يَكُنْ لَهُ الصَّغِيرُ فَإِنْ بَاعَ أَوَّلَ بَطْنٍ فَلَهُ مَا يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ هَذَا الْبَطن.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْقَصِيلِ إِذَا صَلَحَ لِلرَّعْيِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَتَحَبَّبَ أَوْ شَهْرًا إِلَّا أَنْ يَبْدَأَ فِي قَصْلِهِ وَيَتَأَخَّرَ شَهْرًا وَهُوَ دَائِمٌ فِيهِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ بَعْدَ طِيبِهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَزْدَادُ بِبَقَائِهِ نَبَاتًا وَالتَّمْرُ إِنَّمَا تَقْوَى حَلَاوَتُهُ وَأَيْضًا فَالزَّرْعُ يَبْقَى فَهُوَ شِرَاءٌ مُعَيَّنٌ إِلَى أَجَلٍ وَالْجَائِحَةُ فِيهِ مِنَ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ صُوفُ الْغَنَمِ يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُهُ حَتَّى يَتَنَاهَى وَيَجُوزَ بَيْعُ بَقْلِ الزَّرْعِ عَلَى رَعْيِهِ مَكَانِهِ وَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ بَقَائِهِ حَتَّى يَصِيرَ قَصِيلًا لِأَنَّهُ يَزِيدُ نَبَاتَهُ تَنْبِيهٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ الصَّلَاحِ بِثَلَاثَةِ شُرُوط: أَن يكون مُنْتَفعا بهَا لنَهْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَتَدْعُو لِذَلِكَ حَاجَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ بَابِ إِفْسَادِ الثَّمَرَةِ وَقَطْعِهَا عَنْ غَايَتِهَا الْمَطْلُوبَةِ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَأَنْ لَا يَتَمَالَأَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَلَدِ لَيْلًا يَعْظُمَ الْفَسَادُ فِي ذَلِكَ.
فَرْعٌ:
قَالَ: وَيَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ عَلَى التَّبْقِيَةِ إِذَا اشْتَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَنْقُدْ وَاخْتُلِفَ فِي إِطْلَاقِ الْعَقْدِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ هَلْ هِيَ عَلَى الْبَقَاءِ إِلَى الْيُبْسِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ؟ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَبِيعَاتِ: التَّقَابُضُ إِلَّا بِشَرْطٍ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمُ التَّأْخِيرَ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ فِيهَا عَلَى الْكَيْلِ بَعْدَ الْيُبْسِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عَيْبٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الزَّرْعِ وَالْفَوَاكِهِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَصَلَاحُ الزَّرْعِ أَنْ يَبْيَضَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: حَتَّى يُفْرَكَ لَنَا: نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ مِنَ الْعَاهَاتِ فِي مُسْلِمٍ فَإِنْ بِيعَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَاشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ يَابِسًا: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا جَذَّ ذَلِكَ وَفَاتَ مَضَى وَقَالَ أَيْضًا: يَفْسَخُ وَإِنْ تَبَيَّنَ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءً كَانَ جِزَافًا أَوْ كَيْلًا وَكَذَلِكَ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ يُبَاعُ أَخْضَرَ قَدِ امْتَلَأَ حَبُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُفْسَخُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَفَسَخَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ تَبَيَّنَ قَالَ وَأَرَى إِنْ كَانَ السَّقْيُ بِالْعُيُونِ فَهُوَ مَأْمُونٌ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَكَذَلِكَ الدَّوَالِي وَإِنْ كَانَ بِالْمَطَرِ وَعُدْمُ الْمَاءِ يَضُرُّهُ لَمْ يَصِحَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: صَلَاحُ الزَّيْتُونِ بِاسْوِدَادِهِ وَالْفِجْلِ وَاللِّفْتِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالثُّومِ الْمُغَيَّبَةِ فِي الْأَرْضِ يُبَاعُ إِذَا اسْتَوَى وَرَقُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَسَادٌ فَإِنْ كُشِفَ أَوْ قُلِعَ وَوُجِدَ شَيْءٌ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا رَأَى رَدَّ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: صَلَاحُ الثِّمَارِ طِيبُهَا أَوْ مَبَادِئُ الْحَلَاوَةِ.